لا شك أن غياب الثقافة الإقتصادية والمالية جعل كل المفاهيم المرتبطة بالمحفظة الإستثمارية معقدة, خصوصا للمستثمرين ذوي التجربة المحدودة. اليوم سنتعرف على أنواع المحافظ الإستثمارية بالتفصيل، وهو الأمر الذي سيساعدك على وضع الخطة الاستثمارية المناسبة لموادك وأهدافك.
المحافظ الإستثمارية: أنواعها و كيف تختار المناسبة؟
دعونا نتعرف على أنواع المحافظ الإستثمارية مع خصائصها لمساعدتك على اختيار النوع المناسب الذي يناسب قيمة أصولك، أهدافك المالية وطبيعة شخصيتك.
1. المحفظة المندفعة Aggressive
المحفظة المندفعة (الجريئة) ترتبط بالرغبة في تحقيق مكاسب ضخمة مع الإستعداد الكامل لتقبل المخاطر مهما كان حجمها، لذلك تناسب المستثمرين المتطلعين لجني أرباح سريعة أو زيادة قيمة أصولهم بشكل كبير في ظرف زمني قصير. الأسهم المناسبة لهذا النوع هي الأسهم الساخنة التي لديها مؤشر بيتا مرتفع وحساسة لتقلبات السوق، فمثلا لو كان معامل بيتا يعادل 2 فيمكن أن يتحرك بمقدار الضعفين في كلا الإتجاهين. صائدو هذا النوع من الأسهم غالبا ما يتجهون نحو الإستثمار في التقنيات الجديدة في مجال التكنولوجيا، الهندسة الحيوية، أو أي مجال خصب يتطور بسرعة كما لا تتحكم فيه حيتان صناديق التحوط.
لتحقيق طموحك المندفع قم بالبحث عن الشركات التي تقدم حلولا جديدة ومبتكرة لم يتعرف عليها الجمهور بعد، فأول ظهور لها على وسائل الإعلام يعني أنها احترقت ولن تناسب أهدافك بالنمو السريع. يعد إدارة المخاطر الكبيرة هو التحدي الأكبر لهذا النوع من الإستثمارات لذلك يجب التركيز على تقليل الخسائر لأقصى حد وجني الأرباح بسرعة فهذه الأسهم جد متقلبة. الإستثمار بإندفاع يتطلب التمتع بصلابة ذهنية وشخصية قوية، فمع كل تقلب ستعاني من الضغط و الصعوبة في إتخاد القرار، بل سيتملكك الإحساس بالفشل بعض الأحيان.
2. المحفظة الدفاعية Defensive
تتميز الأسهم الدفاعية بعامل بيتا منخفض الذي يعني الإستقرار ضد أي تقلبات أو حركة مفاجئة في السوق، وبالتالي الأسهم الدفاعية على عكس الساخنة تبقى ثابتة في تحقيقها للأرباح وحتى خسائرها بسيطة يمكن تعويضها بسرعة. المحفظة الدفاعية تسمى أيضا محفظة الإحتفاظ برأس المال لذلك هي الخيار المفضل للمستثمرين المحافظين الغير مستعدين للمخاطرة بفقدان رأس المال، مثل كبار السن الذين اقتربوا من التقاعد أو المستثمرين غير المضاربين الباحثين فقط عن تنويع المحفظة الإستثمارية بإمتلاك أسهم مستقرة.
يمكنك بناء محفظة دفاعية بالإستثمار في السندات الحكومية وأسهم الشركات الكبرى التي تسيطر على السلع والخدمات الأساسية مثل الدواء، الغذاء، السلاح و النقل لأنها آمنة. الحكومة غالبا ما تتدخل لإنقاذها لو واجهتها مشاكل لأنها جزء من الأمن القومي عن طريق تدخل مالي مباشر أو سحق منافسيها بشكل غير مباشر (نموذج شركة هواوي التي سحقتها أمريكا لحماية شركاتها للإتصالات). المحفظة الدفاعية هي الخيار الأكثر حكمة الذي يناسب كل مستثمر فمخاطرها قليلة، كما أن العديد من الشركات تقدم أرباحا مما يساعد على تقليل خسائر رأس المال.
3. محفظة الدخل Income
كما يوحي إسمها تركز هذه المحفظة على تحقيق دخل موثوق ومستدام عن طريق التركيز على الإستثمارات التي تقوم بتوزيع الأرباح على المساهمين. محفظة الدخل تتناسب مع نفس أهداف المحفظة الدفاعية، الفارق فقط أن محفظة الدخل تضم أسهم ذات عوائد مرتفعة ومخاطرها متوسطة لكن محسوبة. للعثور على هذا النوع من الأسهم يجب البحث عن الشركات الفاعلة في القطاعات الإستراتيجية والبطيئة النمو، والتي غالبا ما تقوم بتوزيع الأرباح لإضافتها إلى المدخرات.
أفضل نموذج للإستثمارات المدرة للدخل والآمنة “نسبيا” هي صناديق الإستثمار العقاري و الشراكات الرئيسة المحدودة (MLP) التي تقوم بتوزيع الأرباح بصفة دورية على المساهمين للإستفادة من المزايا الضريبية. صحيح أن الإستثمارات العقارية آمنة على المدى الطويل لأنها تسيطر على أصول قيمة، لكنها أيضا معرضة للمخاطر فالإنكماش الإقتصادي يكون ضحيته الأولي قطاع الإنشاءات. سيساعدك الإطلاع على مقالنا حول قواعد النجاح في الإستثمار العقاري على فهم سوق العقار والمشاكل التي يواجهها قطاع الإنشاءات التي غالبا ما يخفيها السماسرة والمطورون في إعلاناتهم.
4. المحفظة المضاربة Speculative
هذا النوع يتطلب المخاطرة لأقصى درجة إن لم يصل الأمر أحيانا إلي المقامرة، فهدفك الأول سيكون فقط المضاربة لتحقيق ربح سريع و ليس الإستثمار في السهم بالإحتفاظ به لمدة طويلة. النجاح كمضارب على سهم ما يتطلب الكثير من البحث والدراسة، كما أن الخبراء يوصون ألا تتجاوز محفظة المضاربة الخاصة بك أكثر من %10 من قيمة الأصول. أيضا محبو المغامرة وتدفق الأدرينالين يمكنهم المراهنة على عقود الفروقات والخيارات الثنائية، والتي تتميز بتحقيق الربح أو الخسارة بسرعة.
يشمل مجال المضاربة المسموح به الإكتتاب العام الأولي IPO لشركة بيانات عملائها واعدة لكنها غالبا لم تخضع للتدقيق الكافي. أيضا تسرب أنباء أن شركة حققت إختراق طبي أو تكنولوجي مؤثر يعد فرصة مناسبة لقنص أسهم ستتضاعف قيمتها سريعا قبل أن تستقر. المشكلة مع المضاربة، أن السوق له حيتان تقوم بتوجيهه عن طريق التسريبات و البيانات المغلوطة خدمة لمصالحها. ركوب الموجة دون بحث ودراسة عميقة للبيانات من بين أكبر الأخطاء التي يرتكبها المستثمرون في الأسهم من المبتدئين وذوي الخبرة المحدودة.
5. المحفظة الهجينة Hybrid
فكرة المحفظة الهجينة تقوم على الإستثمار في أصول مختلفة النوع مثل الأسهم الممتازة، السندات الحكومية، العقار، السلع و حتى المقتنيات الفنية، ثم دمجها في خطة إستثمارية واحدة. المحفظة الهجينة تعتمد على التنويع لذلك فهي توفر المرونة الكافية لإعادة التوازن للمحفظة الإستثمارية لو كان أداء أحد الأصول سيئا. تذكر أن ضبط التوازن من أهم آليات إدارة المحفظة الإستثمارية بإحترافية، لأنه يؤمن استمرار محافظة الأصول المستثمرة على قيمتها.
ما المستفاد؟
نجاح إستثماراتك مرتبط أساسا بوضع أهداف واقعية وبناء قراراتك على بيانات موثوقة، كما لا تنسى إختيار نوع المحفظة Portfolio المناسب لطبيعة شخصيتك. الآن دورك للمساهمة في إثراء النقاش بالإجابة على السؤال التالي: ما هو نوع المحفظة الإستثمارية الذي تفضله ولماذا؟
0 تعليق