سوق الأوراق المالية أصبح جذابا و ينضم إليه آلاف المستثمرين يوميا خصوصا بعد ثورة الأنترنيت التي قربت الاستثمار في الأسهم من الكل، فحاليا تستطيع إدارة الصفقات وإغلاقها من البيت دون الحاجة لخدمات مكاتب الاستشارة المكلفة. أيضا الدعاية المفرطة لمنصات التداول التي تقدم الوعود بالثراء السريع و غيرها من المغالطات جعلت التداول مفضلا لدي المستثمرين قليلي الخبرة. إرتكاب الأخطاء عند الاستثمار في الأسهم جزء من قواعد اللعبة، فالخبرة لها تكلفة ولا يمكن الحصول عليها دون مراكمة التجارب بما فيها الفاشلة.
أخطاء قاتلة يجب تجنبها عند الاستثمار في سوق الأسهم
إليك أهم الأخطاء القاتلة التي يجب تجنبها عند الاستثمار في سوق الأسهم لمساعدة المبتدئين على تحقيق أرباح وتحمل المخاطر بأقل تكلفة مع الحفاظ على رأس المال.
1. ركوب الموجة
غالبا ما يميل المستثمرون إلى التوجه نحو الشركات التي تستثمر في قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا أو الهندسة الحيوية، وهذا الأمر منطقي لأن الكل يحاول القفز لركوب الموجة القادمة التي لا تتطلب رأسمال كبير وعوائدها خيالية. تخيل معي لو استثمرت في أسهم نيتفلكس في بداية خدمة البث أونلاين والعوائد التي كنت لتحققها لو احتفظت بها إلى الآن. المشكلة مع هذا التوجه هو أن الأغلبية تستثمر في هذة الشركات فقط لدعايتها المقنعة دون القيام ببحث معمق عن تاريخها، الحلول التي تقدمها وكذلك بياناتها المالية التي غالبا ما تكون غير كافية. ليس المتداولون فقط من يجيد ركوب الأمواج فالمحتالون كذلك ينتهزون الفرص وخير مثال الأموال الطائلة التي خسرها المتداولون أثناء الإستثمار في شركات الماريخوانا في موجة تقنينه، إذ تبين أن أغلب الشركات لا تحقق أرباحا رغم الدعاية المفرطة. إذا كنت تمتلك أموالا ولديك بعد النظر فمن الأفضل الإستثمار في قطاع لديك فيه تجربة، أو شراء أسهم الشركات الكبرى ذات البيانات المستقرة.
2. المبالغة في التوقعات
الإستثمار في الأسهم يتطلب التفكير بواقعية فتحقيق الأرباح ليس أمرا سهلا، كما أنه ليس فرصة لتحقيق الثراء السريع كما يصوره فيلم “The Wolf of Wall Street” للنجم ليوناردو دي كابريو. بعض المستثمرين المبتدئين يتعاملون مع شراء الأسهم كأوراق يانصيب ويتوقعون أن إستثمارهم ل 500 أو 1000 دولار سيحقق لهم ثروة في وقت قصير وهذا أمر خاطئ. سوق الأوراق المالية محفوف بالمخاطر لذلك من المهم تتبع أرشيف أداء الأسهم وتوقعات المحللين قبل وضع خطة لتقليل المخاطر، ومع ذلك يمر السوق بتقلبات دورية مما يجعل من الصعب التنبئ بمصير سهم ما فقط بناء على بياناته السابقة. ليس هناك ضمان في السوق لكن متوسط أداء سنوي يناهز 10% دليل على أن السهم جيد و يستحق الإستثمار فيه. إذا كنت من محبي المغامرة فمن الأفضل لك تجربة المراهنة على عقود الخيارات الثنائية فهي أكثر ملائمة لشخصيتك، كما أنها فرصة جيدة كذلك لتحقيق دخل إضافي أو خسائر ضخمة في نفس الوقت.
3. الثقة الزائدة بالخبراء
الكل يتابع الخبراء في النشرات الإقتصادية وآراء المحللين على تويتر للإطلاع على آخر تطورات السوق، لكن هل آرائهم تستحق الثقة العمياء؟ بطبيعة الحال لا فمن أهم عادات المستثمر الناجح الشك في أي معلومة حتى يتحقق منها. الأمر لا يعني عدم كفاءة المحللين لكن السوق تتحكم به حيتان صناديق التحوط و الأجندات الخفية لذلك من الطبيعي دفع الأموال لتوجيه السوق في إتجاه معين. مثلا لن تسمع بسهم واعد مجانا ولن تتسرب أخباره إلى وسائل الإعلام مثل CNBC حتى يكون محترقا، لكن الحيتان ترغب بالدفع به للسقف من أجل رفع قيمة الأصول ثم المغادرة بأرباح طائلة مع ترك المستثمرين لحصد الخسائر. الخطأ القاتل الذي يرتكبه المبتدئون هو الإنضمام للقطيع بلا تفكير وهو الذي ينتهي بشراءهم أسهم ساخنة ومتقلبة مقابل أموال أكثر. أيضا عند استعمال خاصية نسخ التداول التي توفرها مواقع التداول الإجتماعي مثل منصة إيتورو لا بد من التحري بجدية عن الخبير قبل النسخ، فبعضهم يميل للإتفاق مع المنصة تحت الطاولة لدفع المستثمرين إلى الخسارة.
4. خفض مؤشر المتوسط Averaging Down
غالبا ما ينظر إلى خفض مؤشر المتوسط على أنه آلية تساعد على التكيف مع الأخطاء السابقة، فمثلا قمت بشراء سهم ب 10 دولار لكن قيمته انخفضت ل 7 دولار فعوضا عن التوقف تقوم بشراء العديد من الأسهم الأخرى. أملك في هذه الحالة هو الإستمرار في الإستحواذ حتى يظهر تحول في المسار الذي توقعته بإرتفاع سعره من جديد و بالتالي إقناع نفسك أنك اتخذت قرارا ناجحا. آلية خفض مؤشر المؤشر تبدو فعالة عند الإستثمار طويل الأمد في سهم ممتاز، لكنها غير آمنة عن تداول تداول الأسهم الخطرة فكل ما تقوم به الإستثمار في بورصة فاشلة.
5. الإستهانة بالمخاطر
القدرة على تحديد وتحمل المخاطر ضروري من أجل إدارة المحفظة الإستثمارية بكفاءة، فتحقيق المكاسب يتطلب المغامرة في الكثير من الأحيان. ليس كل المستثمرين يتمتعون بالقدرة على مجاراة تقلبات السوق، عدم اليقين والإنخفاضات الدراماتيكية للتداولات ذات المخاطر العالية، لذلك يجب دارسة ملف تعريف المخاطر بجدية قبل شراء أي سهم. إذا كنت تبحث عن تقليل المخاطر فمن الأفضل الإستثمار في الأسهم الممتازة للشركات ذات الجدوى و التي تمتلك بيانات مستقرة، أما أسهم الشركات المبتدئة فمحفوفة بالمخاطر و لو كانت واعدة حسب بعض المؤشرات.
6. الشراء بالهامش Margin
الهامش هو الضمان الذي تقوم بإيداعه لدى الوسيط كضمان إئتماني يوفر لك القدرة على مضاعفة قوتك الشرائية لإنتهاز الفرص الواعدة في السوق لكنه محفوف بالمخاطر. التداول بالهامش من أكثر الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المتداولون المبتدئون باستخدام الرافعة المالية، فنظريا يبدو فرصة جيدة لتحقيق أموال سهلة لكن سينتهي بدين كبير إن لم تسر توقعاتك كما كان مخططا لها. الأمر أشبه باستخدام بطاقتك الإئتمانية لشراء أسهم من أجل تحقيق أرباح(الفرق فقط أن الفوائد منخفضة)، فهل تبدو لك هذه الفكرة جيدة وتناسب متداول مبتدئ دون خبرة؟
إذا لم تكن تتمتع بالخبرة وليس لديك الوقت الكافي لمراقبة صفقاتك في السوق للتدخل في أي لحظة، فأسوأ سيناريو ستواجهه سيكون كارثيا عند انخفاض قيمة الأسهم وأنت غائب أو غير متصل. الوسيط في هذه الحالة سيقوم ببيع أسهمك لتعويض أي خسائر قد تكبدها، كما ستعاني مع تقلبات أسعار الصرف، الضرائب الخاصة و فقدانك الوصول لفوائد طويلة الأجل لمشروعاتك الأخرى الواعدة. أيضا لا ينصح الخبراء باستخدام الشراء بالهامش عند التداول على منصات العملات الرقمية لأن رسومه عاليه جدا، كما أن سوق الكريبتو أكثر عرضة للتقلبات.
7. الثقة الزائدة
النجاح في تداول الأسهم ليس سهلا أو مفروشا بالورود، لكن بعض المبتدئين عديمي الخبرة “يحالفهم الحظ” في أولى تجاربهم لذا تتكون لديهم قناعة أن تداول الأسهم هو السبيل الأسهل لتحقيق الثروة بسرعة. نمط التفكير هذا جد خطر فهو يشجع على المخاطرة دون تخطيط، بينما الإستثمار يتطلب بعد النظر واتخاذ القرارات التي تناسب الخطط الطويلة الأمد. إذا حققت نتائج جيدة في بداياتك مع تداول الأسهم إعتبرها فقط ضربة حظ و إلا ستخسر كل شيء سريعا بسبب الغطرسة. تعتبر بورصة الأسهم من أكثر الأسواق المالية شهرة وضخامة من حيث عدد المتداولين، لذلك تجنب الغرور فمهما بلغت نتائجك تبقى أصغر مما تتخيل.
8. التداول دون وقف الخسارة Stop Limit
مالك الأسهم الجيد يتحلى بضبط النفس و الصبر فحتى لو إنخفضت قيمة السهم لا يغادر السوق حتى يقتنع أن الإستمرار سيجلب فقط الخسائر. أي مستثمر يجب أن يضع حدا أقصى للخسائر التي يستطيع تحملها، لذا آلية وقف الخسارة تساعد على ضبط مستوى الخسائر المقبول بطريقة أوتوماتيكية. عند إنخفاض الأسعار عن المستوى المقبول، يقوم الوسيط مباشرة بالبحث عن مشتر و بيع الأسهم مما يقلل حجم خسائرك لأقصى درجة ممكنة. عدم إستعمال آلية وقف الخسارة يدل على غياب أي إستراتيجية تداول مدروسة، كما سيجعلك ضحية لأي نشاط غير متوقع أو تقلب في أسعار السوق.
9. عدم اختبار إستراتيجيات التداول
حاليا توفر كل منصات التداول حسابات تجريبية بآلاف الدولارات لإختبار الاستراتيجيات وإكتساب خبرة كافية قبل التداول الفعلي، وهو الأمر الذي يمكنك استغلاله لتقليص حجم الخسارة ما أمكن. الحسابات التجريبية ستساعدك على إكتشاف الأخطاء المرتكبة عند وضع الاستراتيجيات مع إكتساب مهارات أساسية مثل الصبر، التفكير بواقعية و التعامل الجيد مع الضغوط. أنصحك باستثمار الوقت الكافي في التعلم واختبارك استراتيجياتك قبل المغامرة بفتح صفقات، فأي خسارة كبيرة قد تسبب لك انتكاسة ونفور من مجال التداول. الأمر الرائع أنه يمكنك بدئ التداول في حسابات حقيقة، ودون المخاطرة برأس المال الشخصي عن طريق الحصول على حساب تداول ممول. شركات التمويل تقدم هذه الخدمة مجانا للمتداولين المحترفين أو متوسطي الخبرة مقابل تقاسم عوائد الحساب، وبالتالي تعد فرصة جيدة للمتداولين المفتقرين لرأس المال. الحصوص على حساب ممول يتطلب استيفاء بعض الشروط مثل التوفر على مهارات جيدة في دراسة السوق، والقدرة على إدارة العواطف بشكل جيد أثناء التداول. أيضا لابد من المرور بفترة تقييم أولية مع العمل في حسابات حقيقية ومقيدة، وذلك قبل اجتياز الاختبار النهائي وحصولك على التمويل اللازم.
الخلاصة
يوصي خبراء الإستثمار بتجنب الأخطاء الواردة أعلاه قبل المخاطرة برأس المال، لكن هذا لا يعني أنه يمكن الوصول لوصفة سحرية تساعدك على تحقيق الأرباح بصفة مضمونة. النجاح في التداول لا يتطلب التوفر على ذكاء خارق، بل فقط القدرة على تعقب مصادر المعلومات ومتابعة كبار المحللين الفنيين بصفة دورية قبل وضع استراتيجية التداول المناسبة. الأمر المميز في سوق الأسهم أن الحيتان المتمثلة في صناديق التحوط والبنوك تلعب دورا محوريا في تحديد اتجاهات السوق، لذلك كل ما عليك هو تعقب اتجاهات استثماراتهم للحصول على فكرة واضحة عن الأسهم الواعدة. إذا كنت تتوفر على أي استفسارات إضافية فنحن مستعدون للمساعدة بالإجابة على أسئلتكم في قسم التعليقات.
0 تعليق