الإبداع هو سبيلك الوحيد للتوفق في عصرنا الحالي فالمعلومة متاحة للجميع والتنافسية أشد مقارنة بأي فترة سابقة، لكن الأغلبية ستفشل في الرهان لأن وصفة النجاح لدى معظم الناس مركزة فقط في إتباع الناجحين وتقليدهم دون القدرة على خلق أفكار جديدة مع إضافة اللمسة الشخصية. عزيزي القارئ أنت كغيرك من بني البشر تمتلك طموحات شخصية أو مهنية التي غالبا ما ستصطدم بعراقيل بعضها إعتيادي ممكن تجاوزها بيسر، لكن بعض التحديات تكون عصية على الحل وتتطلب تفكيرا إبداعيا لن يتحقق إلا بالتفكير خارج الصندوق وإطلاق العنان لمخيلتك الإبداعية.
كيف تفكر خارج الصندوق؟ 5 خطوات للإبداع في حل المشكلات
ما الذي تحتاجه كي تفكر خارج الصندوق؟ إليك أهم الخطوات الفعالة كي تصبح مبدعا في حل المشكلات مع رؤيتها من زاوية مختلفة للوصول إلى حلول مبتكرة وجديدة.
1. الفهم العميق للواقع قبل التمرد عليه
تذكر أن كل الإختراعات والمعتقدات الجديدة تمت محاربتها بشراسة عند بدايتها فالبشر كائنات إجتماعية تحب الشعور بالأمان والإنغماس في الروتين كي لا تشعر بالعزلة وعدم الإندماج. قبل أن تبدأ بالتفكير خارج الصندوق وطرح تصورات خارج المألوف يجب أن تدرك نقاط قوتك وضعفك، وأيضا أن تستوعب مكانتك داخل الشركة لمعرفة هل أفكارك الغريبة سيكون لها صدى داخل المؤسسة أم لا.
تذكر أن الرغبة في التفكير بشكل مختلف ستعني بالضرورة أنك ستصبح مختلفا عن الآخرين مما سيكسبك الإعجاب من البعض كما سيزيد من قائمة أعدائك في نفس الوقت، خصوصا لو كنت تشتغل في شركة بها الكثير من الموظفين المتصارعين على الترقية فأي موظف مبتكر بقدم حلولا جديدة بالضرورة ستتم معاملته كتهديد لطموحاتهم المهنية. كإضافة المؤسسات والشركات لا تحب تحمل المخاطر لذلك كن مستعدا لتلقي اللوم عند الفشل أو الإحباط نتيجة رفض أفكارك المبدعة من الأساس.
2. العصف الذهني
العصف الذهني هو أحد أفضل أساليب الإبداع الجماعي حيث يشارك كل أعضاء المجموعة تصوراتهم حول الحلول الممكنة للمشكلة بعفوية دون خوف من النقد أو الإستهزاء. ظهر مصطلح “العصف الذهني” لأول مرة سنة 1953 في كتاب Applied Imagination (التخيل التطبيقي) لصاحبه المؤلف أليكس أوزبورن، الذي سرعان ما أثار الإنتباه الأكاديمي وتحول إلى طريقة معتمدة تدرس في علوم الإدارة. العصف الذهني يساعد على التفكير خارج الصندوق لأنه يعطي فرصة لإستكشاف فرص الحلول الممكنة بعيدا عن النمط أو المسار المعتاد الذي يتبعه الكل.
3. تغيير نمط التفكير
عندما نواجه تحديا جديدا فمن الطبيعي أن الدماغ يستدعي مباشرة الأساليب و الطرق التي استخدمناها سابقا بنجاح للوصول إلى حلول فالدماغ يحب إختيار الطريق السهل. هذه الوصفة ناجحة فالإنسان يتطور بالإستفادة من تجاربه وخبراته السابقة مما يعني الوصول إلى بر الأمان مقابل أقل مجهود وهو ما يعد صفقة رابحة، لكن الوصول إلى إنجاز إستثنائي لن يتحقق بإتباع نفس الطريق بكل تأكيد. الإنسان المبدع يميل دائما للخروج من منطقة الراحة وتغيير أساليب التفكير السابقة من أجل الإستمرار في الإبتكار، فالتحدي لا يكون ممتعا إلا إذا تعاملت معه بأسلوب مختلف.
4. سؤال الأطفال عن نظرتهم للحل
كلنا نجالس الأطفال للإستمتاع بالحديث معهم في جو مليء بالضحك والعفوية لأن وجدانهم بريء ومقبلون أكثر على الإستمتاع بالحياة، لكن ما هو أهم أن مخيلتهم تشتغل بكفاءة. خيال الأطفال خصب وغير محاصر لأنه لم لم يتعرض للتدجين بعد بقيود المجتمع والإيدولوجيا، فالمدرسة هي مكان لتطوير قدرات الطفل لكنها نفس المسلخ الذي يتم فيه قبر ملكة الإبداع لدى الأطفال. يمكنك مطالعة مقالنا حول أهم عناصر التفكير الإبداعي كي تستوعب أكثر لماذا ينخفض معدل الإبداع لدى الأشخاص مع التقدم في العمر، إذ ينتقل من الذروة 90% في الطفولة المبكرة أقل من 5 سنتين إلى حدود 2% في الثامنة ليبقى مستقرا في هذا المعدل حتى سن 45 من العمر.
ما يميز الأطفال أنهم يلمون بأدق التفاصيل فهم في مرحلة الإستكشاف ولا يتعاملون مع الأمور إنطلاقا من معارف قبلية، فالعالم بالنسبة لهم كيان مجهول يستحق النبش في أسراره والتجربة. الطفل محقق جبار لكن سرعان ما يفقد هذه الميزة مع التقدم في العمر فالأسرة، المجتمع والمدرسة تزوده بمعارف تكبح جماع حب الإستطلاع لديه. لا تتردد في أن تتواضع وتسأل الأطفال عن نظرتهم للأمور فربما قد تتلقى أجوبة عفوية وساذجة لكنك بالأكيد ستصادف آراءا مميزة تعالج مشكلتك من زاوية غير متوقعة أهملتها أثناء البحث.
5. معالجة المشاكل من زوايا مختلفة
عند التعاطي مع أي مشكل فنحن دائما نميل بالفطرة للبحث عن الحل دون إعطاء الوقت الكافي لدراسة الحالة من كل الزوايا والإستماع لكل وجهات النظر، لذلك من الضروري إعادة صياغة المشكلة وفحصها بدقة. تجنب النظرة الكلاسيكية للأمور فأي وضعية تستحق أن تدرسها من كل النواحي مع طرح كل السيناريوهات المتوقعة على الطاولة. إقتصارك فقط على التعاطي مع المشكل من زاوية واحدة سيفقدك فرصة الوصول إلى حلول مبدعة فأنت تتبع نفس المسار الذي يسلكه المنافسون وبالتالي لن تصل إلى حل مميز إعتمادا على نفس الخطة التي يتبعها الآخرون.
الأسئلة المتداولة
ما هو التفكير خارج الصندوق؟
التفكير خارج الصندوق هو القدرة على التعامل مع الوضعيات وحل المشكلات بطريقة غير إعتيادية، وهي صفة تلازم المبدعين والقادة. الإنسان المبدع هو الذي يلفت الأنظار لجرأة طرحه ومعالجته للمشاكل من زاوية مختلفة، فهو الأيقونة التي تبرز من وسط المجتمع الذي يتشابه أفراده في القدرات ونمط التفكير.
ليس هناك حل سحري لإكتساب مهاراة التفكير خارج الصندوق بل هو قدرات تطورها مع مرور الوقت نتيجة الحاجة للوصول إلى حلول سريعة مع ضغط قلة الموارد، فمثلا لن يكون لديك تحفيز كافي للإبداع لو كنت تشتغل في بيئة مريحة أو في شركة لديها موارد مالية لتبني الحلول الجاهزة. التفكير خارج الصندوق ليس هدية إلهية بل مهارة مكتسبة، لذلك سنستعرض بعض الخطوات التي تحفزك للإبداع وتبني مقاربة مختلفة للتعامل مع المشاكل.
ما هي فوائد التفكير خارج الصندوق؟
عندما تفكر خارج الصندوق فبإستطاعتك الإستفادة من العديد من المزايا أهمها:
- التوصل إلى حلول مبدعة ومميزة.
- القدرة على التكيف السريع مع أي أزمة طارئة.
- فتح آفاق جديدة لتطوير مشروعك.
- المرونة في إدارة المشاريع.
لماذا من الصعب التفكير خارج الصندوق؟
التفكير خارج الصندوق ينتج أفكارا جديدة للتعامل مع المشاكل وبالتالي ينتج حلولا ذات مخاطر عالية، كما أن الخوف من المجهول لا يشجع الناس على التفكير بطريقة مختلفة. كموظف دائما ما سيطلب منك التفكير في حلول إبداعية لكنك ستصطدم بواقع الثقة فيها، فأي فكرة جديدة خارجة عن السياق لا يمكن للإدارة المغامرة بالإستثمار فيها دون ضمانات.
الخلاصة
التفكير خارج الصندوق ليس أسلوب حياة يجب أن تتبناه كقاعدة للعيش أو للتعامل مع أي وضعية تواجهها في حياتك، لكنه يبقى المنفذ الوحيد للنجاة وقت الأزمات سواء في حياتك الشخصية أو المهنية. أن تكون مبدعا يعالج الأمور من زاوية مختلفة لا يعني أن تكون متهورا أو مستهترا فأغلب المشاكل التي ستصادفك هي إعتيادية تتطلب فقط المرونة وبعض الصبر مع تجنب إرتكاب الحماقات. الآن دورك لتشارك معنا أهم الطرق التي تتبعها للتفكير خارج الصندوق وهل لديك تجربة ناجحة في التوصل إلى حلول إبداعية؟ كما أننا سنسر بالتفاعل معكم والرد على استفساراتكم في قسم التعليقات.
مقال جميل ومفيدنشكركم على نشره.