هل ما زلت من الأغبياء الذين يقضون ساعات على سناب شات و تيك توك بدون فائدة؟ أو يصل وقت نومك دون أن يتملكك إحساس بالفخر أنك حققت هدفا، أو قضيت ساعات النهار في تعلم مهارة مفيدة. لا تقلق لست هنا لمعاتبتك فأنا أيضا عشت الضياع لسنين حتى مرحلة الجامعة، لكن الحمد لله الأمور تحسنت. وقتك الحالي هو من يحدد مستقبلك لذلك تعامل معه بحذر، فمعظم الناجحين أشخاص بارعون في تنظيم و إدارة الوقت، لكنهم لا يشاركون سوى لحظات المرح التي تغطي روتين حياتهم الصارم والمنضبط.
خطوات هامة لتنظيم الوقت و زيادة التركيز
إنطلاقا من تجربتي الشخصية، سأشارككم أهم الخطوات لإدارة و تنظيم الوقت التي ساعدتني على التخلص من مرحلة الضياع، زيادة التركيز وتحقيق بعض الأهداف الشخصية.
1. مراجعة الروتين
غالبا لن تشتكي من مشكلة قلة الوقت إلا في حالتين: الإنضباط في روتين مفيد مثل الدراسة أو العمل، أو الحالة الأسوأ الإنغماس في اللهو و تصفح السوشيال ميديا لا غير. لذلك أول خطوة يجب القيام بها هي مراجعة الروتين اليومي وذلك عن طريق جرد كل الأمور التي قمت بها سابقا، هذه المراجعة ستسمح لك بتحديد كل الأمور التافهة التي استهلكت وقتك الثمين والذي لا يعوض.
2. وضع الأهداف
صدقني بدون وضع أهداف واضحة لن تمتلك الدافع للإنضباط و بالتالي ضياع حياتك بين التمني والتسويف وهما متلازمتان، سيحولانك إلى شخص فاشل لا قيمة له في المجتمع. اليوم يتكون فقط من ٢٤ ساعة و العمر محدود، لذلك وضعك لقائمة أهداف شخصية سيجعلك ملزما بجدول زمني صارم لتنفيذها. قد لا تحقق كل أمانيك لكن على الأقل ستتحول إلى شخصية جبارة تقدر قيمة الوقت ومتعطشة للنجاح. العيش دون أهداف مثل المشي في الظلام، فقنديلك هو أهدافك التي تنير لك الطريق و تشجعك على الإستمرار.
3. الإستيقاظ المبكر
الإستيقاظ الباكر يوفر لك فرصة استغلال اليوم بأكمله، كما أنه يعطيك طاقة و حيوية أكبر تساعدك على إنجاز مهامك بسرعة. النوم باكرا مع الإستيقاظ صباحا في وقت مبكر من أفضل الوسائل لمحاربة الإكتئاب، فكما تعلم يا صديقي نحن البشر كائنات مزاجية مهما امتلكنا من عزيمة نقع ضحية لمزاجنا المتقلب. أيضا الإستيقاظ مبكرا يعطيك فرصة لممارسة التمارين الصباحية مع إعداد وجبة فطور صحية قبل الإلتحاق بالدوام.
4. الإلتزام بالجدول الزمني
لا بد من التخطيط لكل المهام و البرامج التي ستنفذها على طول الشهر، وذلك بوضعها في جدول زمني تراقبه باستمرار. ليس بالضرورة الإلتزام التام به، لكن سيساعدك على تقليص الوقت المهدر في أمور غير مهمة إلى أقصى درجة. أيضا عند التخطيط لجدولك الزمني، لا تنسى تخصيص وقت إضافي ربما قد تحتاجه للتعامل مع الحالات الطارئة التي ستواجهك. كنصيحة هامة لا تهمل حجم الوقت المهدر في الأمور الروتينية مثل التسوق أو الجلوس في المقهى والتي لا يمكن لك التحكم بمدتها الزمنية. خصوصا في ثقافتنا نذهب للمقهى من أجل ساعة، لكن ننهيها بالوناسة لساعات مع الأصدقاء والدردشة في أتفه الأمور المكررة.
5. ترتيب الأولويات
هنا الأمر يعود لك شخصيا فالأولويات تختلف من شخص لآخر، كما أن درجة التركيز المتباينة هي من سيحدد حجم الوقت الكافي لأداء مهمة ما. أولا قم بإنجاز المهام الرئيسية مثل الدراسة أو الواجبات المهنية التي تتطلب قدرا كبيرا من التركيز لمعالجتها في أسرع وقت، خصوصا في ذروة الساعات السحرية التي تكون فيها في قمة التركيز. ثانيا يمكنك التصرف في الوقت المتبقى بممارسة الرياضة، المطالعة أو ممارسة موهبتك المفضلة، فقط لا تقضي الوقت مستلقيا على الأريكة منتظرا أن تتحسن حياتك للأفضل. أخيرا يجب التخلص من الأمور غير المهمة مثل الخروج المتكرر مع الأصدقاء أو الطلعات دون برنامج، خصوصا أن أغلب الوقت المهضر نضيعه في أنشطة ترفيهية لا عائد منها.
6. تعلم رفض الطلبات
التعامل مع البرامج الطارئة التي لم يكن مخططا لها سيكلفك وقتا ثمينا، والذي يمكنك صرفه في ما هو أفضل لمستقبلك الدراسي و المهني. مثلا قد تكون للتو عدت من الجامعة و بدأت بالإستعداد للمذاكرة، لكن يتصل بك أحد الأصدقاء للجلوس في المقهى. هنا يجب أن تتصرف بحكمة و ترفض طلبه بهدوء فالأولوية لبرنامجك اليومي الذي يجب إحترامه، فصديقك اليوم عدوك غدا في معظم الأحيان. الحياة كطالب أو مبتعث للخارج غالبا ما تتسم بالفوضى لقلة تجربة الحياة في جو مستقل، لكن لا تنس أنك ملزم بالتفوق الدراسي للحصول على وظيفة محترمة، لذلك لا بأس بالإنضباط ما أمكن في مرحلة الجامعة.
7. التخلص من مشتتات الإنتباه
أكثر مشكلة تواجه البشر في عصرنا الحالي تشتت الإنتباه فنحن نعيش في أماكن مزدحمة و صاخبة محاطين بالضجيج من كل جانب، حتى داخل بيوتنا لا نسلم من الرسائل السلبية التي تمررها لنا نشرات الأخبار و إشعارات الفايسبوك. المعروف أن كل العظماء من الكتاب و الفلاسفة عرف عنهم العزلة، فهي وفرت لهم صفاء الذهن مما ساعدهم على تفجير طاقاتهم الإبداعية. للتخلص من مشتتاه الإنتباه داخل البيت يمكنك تجنب استخدام التلفاز كثيرا، إغلاق النوافذ بعوازل الصوت لتجنب الضوضاء و أيضا لا تضع هاتفك بالقرب منك عند التعامل مع المهام الأساسية. صراحة أتمنى لو عاد بي الزمن قرنين للوراء كي أعيش في قرية صغيرة محاطا بطبيعة خلابة تسر العين و تصفي الذهن، بعيدا عن المركز التجاري الذي أقيم به حاليا.
ما المستفاد؟
تنظيم الوقت يتطلب الكثير من الجدية و ليس فقط الرغبة، لأن له تكلفة خصوصا على عاداتك اليومية وعلاقاتك الإجتماعية. نحن بشر و لسنا روبوتات، لذلك يا صديقي لا تحاول وضع جدول زمني مثالي بل فقط عليك الإلتزام بهذه القواعد لأقصى درجة ممكنة لخلق التوازن بين أهدافك ومحيطك الإحتماعي. أتمنى أن تكون مقالتي موفقة في التطرق لبعض الخطوات الهامة لتنظيم الوقت، كما أرحب بآرائكم و أسئلتكم في قسم التعليقات.
0 تعليق